أنت بحاجة إلى هذه الألعاب أكثر من أطفالك!

أنت بحاجة إلى هذه الألعاب أكثر من أطفالك!

نعم، أيها الأب، أيتها الأم، ربما أنت بحاجة إلى هذه الألعاب أكثر من أطفالك! 

قد تبدو هذه الفكرة غريبة بعض الشيء، لكن دعني أخبرك لماذا: هل تعلم أن الألعاب الإلكترونية قد تكون “أستاذك” المجهول.

هل سبق أن تأملت أطفالك وهم منغمسون بعمق في ألعاب الفيديو، وراودتك تلك الفكرة: “لماذا يقضون كل هذا الوقت في اللعب؟”

هل تجد نفسك تضيع وقتك في التجوال بين القنوات بلا هدف أو تتنقل في المنزل كما لو أنك تمثل دورًا في فيلم انتهت فيه التسلية مع “أيام الأبيض والأسود”؟

بينما ترى أطفالك يعيشون مغامرات في عوالم افتراضية، تُحل ألغازها وتُبنى استراتيجياتها، قد يكون ما يفعلونه أكثر إفادة مما تتخيل.

ألا تستحق لحظات كهذه أن تتساءل: من الذي يحتاج اللعبة حقًا؟ هم… أم أنت؟!

حسنًا، لنكن واقعيين قليلًا: ربما تكون أنت، وليس أطفالك، الشخص الذي يحتاج إلى هذه الألعاب!

نعم، قد تكون هي المفتاح لتحسين أدائك في العمل أو لإدارة حياتك اليومية بشكل أفضل وأكثر تنظيمًا وأنت لا تدري.

وأعلم أن هنا سيراودنا سؤال محير، وهو كيف يمكن لألعاب افتراضية أن تساعدني في حياتي في المنزل أو مهامي في العمل؟!

والجواب، نعم، يمكن للألعاب أن تساعد في:

  • أن تُعلّمك إدارة الوقت بفعالية وإنجاز المهام بدقة.
  • أن تجعلك تُطوّر  من مهارات التفكير الاستراتيجي لديك وتستطيع حل المشكلات بسرعة.
  • أن تعزز التنسيق بين المهام المنوطة بك وتحسن تركيزك تحت الضغط.
  • أن تُنمّي روح التعاون والعمل الجماعي مع رفقاء العمل.
  • أن تُغرس فيك عنصر المثابرة والصبر لمواجهة التحديات وتحقيق النجاح.

ولو أدركت، أيها الأب وأيتها الأم، حقيقة واحدة فقط عن هذا الموضوع، وهي مدى صعوبة إدارة الوقت أثناء اللعب، لكان ذلك بحد ذاته إنجازًا عظيمًا.

لأن هذا التمرين البسيط الذي يمكن أن تجربه بنفسك سيفتح لك آفاق واسعة لفهم قيمة الوقت، وتعلّم التوازن بين الأولويات، وهو درس يمتد تأثيره إلى كل جوانب الحياة.

أنت بحاجة إلى هذه الألعاب أكثر من أطفالك!

1. الذكاء والاستيعاب: دماغك لا بد له من تحديث!

لعلك توافقني أننا اليوم في عالم أصبح من الضروري أن تكون سريع البديهة، شديد الملاحظة، قوي التحليل، وتحسن ربط الأمور ببعضها أكثر من أي وقت مضى.

فالحياة لا تنتظر أحدًا ولا ترحم غافلاً أو متكبراً، أليس كذلك؟ ولكن، هل تعلم أن الألعاب الإلكترونية توفر لك أفضل بيئة لتدريب دماغك؟

تخيل أنك تجلس أمام لعبة مليئة بالاستراتيجيات المعقدة، مع المهام المتغيرة كل لحظة، والأعداء الذين يظهرون بشكل مفاجئ.

ما الذي يحدث؟ يتفاعل عقلك مع كل هذه المتغيرات، ويعزز قدراته على التفكير السريع والتحليل. إنه مثل التمرين الرياضي لعقلك، ولكن بشكل ممتع!

وفيما يخص أطفالك، هم يتعلمون من هذه الألعاب أيضًا، لكنهم مثل الورقة البيضاء التي تستقبل كل شيء جديد بسرعة وعلى الفور.

أما أنت، فيجب أن تجد طرقًا للتفاعل مع هذه الألعاب ليس فقط من باب التسلية، ولكن لتحفيز عقلك وتطويره وتقوية استجابته الحركية.

2. الصبر والمثابرة: الحياة ليست كلها “ألعاب ناعمة”!

لماذا أنت بحاجة إلى هذه الألعاب أكثر من أطفالك! اصبر لحظة ولا تستعجل، لا تحكم على شيء بأنك تعرفه جيدًا، فأحيانًا تكون الأمور أمام عينيك مباشرة ولا تراها!

وقد يستنكر بعض الآباء هذا الأمر نعم وهنا أسئلة بسيطة تجعلك تفكر في الألعاب كأنها طريق جديد تعلم جديد مثل:

هل تستطيع الانتظار دون أن تفقد أعصابك؟ أم أنك مثل عجلة قيادة تحتاج دائمًا للتحرك؟

هل تتقبل الفشل بسهولة؟ أم أنك مثل البطارية التي تنفد بسرعة؟

هل تجد الحلول بسرعة؟ أم أنك تظل تفكر طويلاً مثلما تفكر في اختيار فيلم؟

هل تلتزم بالخطط؟ أم أنك تغير رأيك مثلما تغير ملابسك كل يوم؟

هل تقدر الصبر؟ أم أنك تشعر أن الوقت يركض خلفك طوال الوقت؟

إذا كانت الإجابة “لا”، فهذه الألعاب هي مدرستك الجديدة.

في كل مرة تخسر فيها في لعبة، تشعر بالخذلان، أليس كذلك؟

لكن، هل تعلم ما هو المدهش؟ أنك بعد كل خسارة تعود للمحاولة مرة أخرى تكون أكثر خبرة وأقدر على التقدم بشكل أقوى وأسرع.

اللعبة تعلمك أنه لا بأس بالفشل طالما أنك تتعلم منه، وأن الاستسلام ليس خيارًا! الأطفال يتعلمون هذا أيضًا، لكنهم يحتاجون تكرارًا وممارسة لتثبيت هذه القيم.

أما أنت، فقد تجد نفسك أحيانًا في مواقف حقيقية تشبه التحديات التي تواجهها في اللعبة: ضغوطات العمل، التحديات الشخصية، والمسؤوليات وكثرة الواجبات.

تلك اللحظات التي يتطلب منك فيها التوقف، التفكير، والمحاولة مرة أخرى حتى تحقق النجاح.

إنها دروس من الحياة، تختصرها لك الألعاب في دقائق معدودة!

3. رفع سقف الطموحات: الأفق يتسع… فقط إذا جربت!

هل تحلم بمستقبل أفضل؟ هل لديك طموحات كبيرة؟ في الحياة، نميل إلى أن نكون واقعيين جدًا، نبحث دائمًا عن الأمان والاستقرار.

ولكن، ماذا عن الخروج من منطقة الراحة؟

ماذا عن التحدي؟

ماذا عن حس المغامرة واكتشاف المجهول واقتحام الصعاب؟

في ألعاب الفيديو، كلما تقدمت في المستويات، تجد أمامك تحديات أكبر، مع مهام أصعب، وأعداء أقوى.

إنه يشبه تمامًا الحياة: كلما حققت إنجازًا، تظهر أمامك آفاق جديدة تحتاج إلى طموحات أكبر وصبر أطول.

الأطفال يتعلمون هذا بسرعة، بل بأسلوب محبب لهم ألا وهو اللعب، بينما أنت قد تجد نفسك عالقًا في مكان ما بين الطموح والمألوف.

لهذا، الألعاب تدفعك دائمًا للذهاب إلى أبعد مما تتوقع، وتحفيزك لتحقيق أهداف أكبر وتجعلك تطمح لما يمكن أن تحققه من أمور عظيمة في حياتك.

هل جربت أن تطمح إلى شيء أكبر لمجرد أنه “يبدو صعبًا”؟ الألعاب تساعدك على تحطيم هذا الحاجز، وتجعل الطموحات تبدو أسهل، وأقرب.

4. الخبرة والنظر الثاقب: اللعبة تمنحك نظارات جديدة!

الخبرة لا تأتي من فراغ، كما أنه لا يمكن أن تكون أنت قبل اللعب هو أنت بعده، فالألعاب لا تتركك كما كنت! كلما لعبت أكثر، أصبحت أكثر خبرةً ودهاءً وحنكةً.

وهذا لا يقتصر على الألعاب فقط، بل ينطبق على الحياة أيضًا. الفرق الوحيد؟ في الألعاب، يمكنك إعادة المحاولة بضغطة زر، أما في الحياة، فالأمر يحتاج إلى مزيد من الصبر… وربما كوب قهوة!

عندما تبدأ في لعبة جديدة، قد تشعر بأنك ضائع، ولكن مع مرور الوقت، تبدأ في ملاحظة الأنماط، وتكتسب قدرة على اتخاذ قرارات أفضل وأسرع.

هل هذا يشبه الحياة؟ نعم! الألعاب تعلمك كيفية رؤية الصورة الأكبر وكيفية التكيف مع كل شيء من حولك.

أنت في بداية الطريق في لعبة جديدة، ولكن مع كل خطوة تتعلم كيفية النظر للأمور من زوايا مختلفة.

الأطفال قد يتعلمون ذلك بسهولة، لكن أنت بحاجة إلى أن تجد طرق جديدة لتطوير هذه المهارات.

كل مرة تخسر فيها معركة في اللعبة، تتعلم كيفية تتقدم في اللعب، وهي إضافة لك حتى بالنسبة لمشاكل الحياة.

هذه الألعاب هي مدرسة حقيقية لتطوير الخبرات، والكشف عن طرق جديدة للتفكير.

5. التنسيق بين الحواس: التحكم في اللعبة والتحكم في الحياة!

هل فكرت يومًا في كيفية التنسيق بين الحواس؟ في ألعاب الفيديو، يطلب منك التركيز على العديد من الأشياء في وقت واحد:

  • حركة الشخصيات
  • نقاط القوة والضعف
  • التوقيت المناسب
  • التفاعل مع البيئة

كل هذا يتطلب منك تنسيقًا عميقًا بين يديك وعينيك وعقلك والتحكم في كل مهمة من أولها إلى آخرها في سلسلة مترابطة بعضها أصعب من بعض!

هل تظن أن الأطفال وحدهم من يتعلمون هذا؟ بالطبع لا! نحن الكبار نحتاج أيضًا إلى تدريب أعيننا وأيدينا على العمل بشكل متزامن.

هذا التنسيق هو مهارة تنفعك في العديد من المهام في حياتك! التنسيق بين الحواس أصبح ضروريًا في حياتنا اليومية: العمل، القيادة، وحتى محادثاتنا اليومية.

يمكنك أن تستفيد من هذه الألعاب لتدريب نفسك على التنسيق الأفضل، وبذلك تصبح أكثر قدرة على التفاعل مع العالم من حولك.

6. التجارب المتكررة: التمرين في كل لحظة!

سأكررها لك مرة أخرى: أنت بحاجة إلى هذه الألعاب أكثر من أطفالك!

على سبيل المثال، تكرار تمرينك الرياضي لتحسن أداء مهاراتك، الألعاب تعلمك نفس الشيء. كلما كررت المحاولات، زادت خبرتك وزادت قدراتك.

في الحياة، هذا بالضبط ما يحتاجه الآباء، ويخضع لنفس القانون، ذاك القانون الذي يقرر الأسباب والنتائج.

إذا كنت لا تخاطر ولا تختبر مهاراتك، كيف ستتعلم؟ كل تجربة، حتى لو كانت فاشلة، تضيف لك شيئًا جديدًا لم تكن تعرفه من قبل.

الألعاب تمنحك هذه الفرصة الثمينة: الفشل هو مجرد تدريب. في كل مرة تخسر فيها، تعود أقوى وأذكى.

والأطفال؟ هم يتعلمون بشكل أسرع، لكنك -كأب أو أم- بحاجة إلى هذا التمرين المستمر لتطوير نفسك باللعب مع ابنك.

7. الحياة في لعبة: مرآة للأبعاد الحقيقية

أحيانًا، قد تبدو الحياة مليئة بالتحديات والعقبات. ولكن عندما تلعب ألعاب الفيديو، ترى كيف يتحرك الشخصيات ويتغلبون على المشاكل.

حياتك تشبه هذه الألعاب: فيها فشل، ونجاح، وحلول يجب أن تبتكرها وتبدعها وتنمي رصيد معارفك والتعرف على أساليب جديدة وإبقاء الذهن يقضاً لكل التفاصيل.

وتعلمك الألعاب كيف تتعامل مع هذه المشاكل وكأنك اللاعب الماهر الذي يعرف كيفية اجتياز كل مستوى.

اللعبة تشبه الحياة، تُعلمك كيفية التعامل مع المواقف الصعبة بحرفية، وكلما تقدمت، كلما اكتسبت قدرات أكبر للتعامل مع المواقف الصعبة.

كلمة أخيرة 

أنت بحاجة إلى هذه الألعاب أكثر من أطفالك، لأنها توفر لك فرصة لتعلم مهارات جديدة، لتحسن قدرتك على التفاعل مع الحياة بشكل أكثر فعالية.

وهنا، تخيل معي المشهد التالي: الأولاد يلعبون، أصوات الضحك والحماس تملأ البيت، يصرخون طربًا كأنهم اكتشفوا كنزًا وسط البحر.

وفي الزاوية الأخرى؟ الأب أو الأم، جالسون بوجه عابس، نظرات صارمة، وكأنهم في مهمة عسكرية سرّية لإنقاذ العالم من “ضحك زائد عن الحد”!

هل فكرت يومًا لماذا الفجوة هذه؟ الأولاد يستمتعون بلحظاتهم، يعيشون اللحظة بحماس وسعادة، بينما الآباء يعيشون دور “حراس الجدية”و”حراس الحقيقة” !؟

في العادة، الآباء والأمهات ليسوا ضد اللعب، بل ضد فكرة أنهم نسوا كيف يلعبون، والحقيقة أن هناك الكثير ليتعلموه من الألعاب!

جرب بدلًا من حالة العبوس أن تمسك ذراع التحكم، تدخل معهم اللعبة، وتعيش التجربة. ستفاجأ أنك قد تضحك أكثر منهم! وستدرك أن الفرح معدٍ، وأنك بحاجة لأن تلعب أكثر مما تتخيل.

اللعبة ليست فقط للمرح والتسلية، بل هي أيضاً أداة تعليمية، منصة إبداعية، وتجربة ممتعة تعيد شحن روحك. فلا تتردد في أن تكون لاعبًا، مثل أطفالك أو ربما أكثر!

أحيانًا، اللعبة ليست للأطفال فقط، بل للآباء أيضًا… لتذكيرهم أن السعادة تبدأ من أبسط الأشياء.

 

مواضيع قد تهمك أيضاً:

 

شارك المقالة