انتشرت ألعاب الفيديو بشكل كبير حتى أصبحت وسيلة التسلية الرئيسية التي يقضي عليها كلاً من البالغين والمراهقين والأطفال ساعات طويلة. لذلك كان لابد من إجراء الاختبارات والدراسات، التي تبحث عن مدى تأثير ألعاب الفيديو على الدماغ فكانت النتيجة اكتشاف تأثير واضح لهذه الألعاب على مناطق التعلم والإدراك في الدماغ. مثل: القشرة الجبهية، والحصين، واللوزة. ولقد تراوحت شدة هذه التأثيرات وكانت لها نتائج مختلفة بعضها نافع وبعضها الآخر ضار.
وسنتناول في هذه المقالة نتائج الدراسات عن تأثير ألعاب الفيديو على الدماغ فتابع معنا.
تأثير ألعاب الفيديو على الدماغ
تؤثر ألعاب الفيديو على كفاءة ونشاط الدماغ كما تمتد آثار هذه الألعاب على المدى البعيد لتحدث تغيرات هيكلية في بنية الخلايا العصبية في الدماغ.
حيث تختلف التغيرات والتأثيرات على الدماغ تبعاً لبعض العوامل، مثل: نوع اللعبة، وعدد ساعات اللعب. ونذكر من هذه التغيرات على سبيل المثال:
- تغير حجم الحصين، وهو الجزء المسؤول عن الذاكرة والإدراك في الدماغ.
- تغير في إفراز المادة الرمادية في الدماغ، وهي المادة هي المسؤولة عن عمليات الإدراك الحسي.
- تزداد الإشارات الكهربائية في الدماغ عند اللعب بألعاب الفيديو، مهما كانت مدة اللعب.
- تسبب ألعاب الفيديو على المدى البعيد زيادة في مساحة الباحة السمعية والباحة البصرية في الدماغ.
- تزيد ألعاب الفيديو من إفراز الدماغ لمادة الدوبامين، وهي المادة المسؤولة بشكل أساسي عن الشعور بالسعادة والمتعة.
عوامل تأثير ألعاب الفيديو على الدماغ
لا تكون تأثيرات ألعاب الفيديو على الدماغ مقصودة أو معلومة مسبقاً -باستثناء ألعاب الفيديو التعليمية- لكن وجد الباحثون أن هناك خمسة عوامل أساسية تغير من تأثير ألعاب الفيديو على الدماغ والصحة. وهذه العوامل هي:
عدد ساعات اللعب
تعتبر المدة الطويلة التي يقضيها اللاعبون خلف الشاشات هي السبب الرئيسي وراء التأثير السلبي لألعاب الفيديو سواءً على الدماغ أو على الصحة بشكل عام.
كما أن المدة الطويلة للعب الإلكتروني والتي تسبب خمول وضعف في النشاط البدني تنعكس أيضا على أداء عمليات الدماغ.
نوع اللعبة
لقد وجد الباحثون أن تأثير ألعاب الفيديو ينتقل على الحياة الواقعية للأفراد. وبناءً على هذا ظهرت الكثير من ألعاب الفيديو التي ساعدت الأشخاص على فهم المهن الحياتية والتدريب عليها وإتقانها.
كما وأثبتت الدراسات أيضا أن التعلم عن طريق ألعاب الفيديو أفضل من التعليم النظري، وخصوصاً للأطفال، إذ أن التعلم عن طريق الألعاب الإلكترونية يُخزن على الذاكرة طويلة الأمد.
ومن الجدير بالذكر هنا أن نقل القيم والتصرفات إلى أرض الواقع لا يكون للألعاب التعليمية فحسب، بل تتأثر أدمغة الأفراد وسلوكياتهم بكافة الألعاب على اختلاف أنواعها.
طريقة اللعب
تؤثر الطلبات والأوامر في اللعبة على عمليات الإدراك في الدماغ. فبعض الألعاب تزيد من سرعة استجابة الدماغ للمؤثرات، وبعضها يحسن عملية التخزين المؤقت في الدماغ وطريقة استرجاع المعلومات. كما أن الطلبات المحددة بوقت زمني معين، تزيد من سرعة الاستجابة والتفاعلات في الدماغ.
تصميم اللعبة والحركة بداخلها
تؤثر الحركات داخل اللعبة وطريقة التحكم فيها على إدراك الأفراد وعلى التفاعلات الحسية في الدماغ لديهم.
فبعض الألعاب تتطلب أن يكون اللاعب أكثر دقة وأن تكون حركاته مدروسة، وبعض الألعاب تتطلب من اللاعب استجابات سريعة للمؤثرات بداخلها. كل هذا يؤثر على الدماغ، وعلى الناقل العصبي بين خلاياه.
تجدر الإشارة هنا أن الاستفادة الأفضل للدماغ من ألعاب الفيديو تكون عندما تعتمد هذه الألعاب على الحركات المنفصلة بداخلها مع تحريك اليدين للتحكم.
قصة اللعبة
تنمي بعض أنواع الألعاب الشعور بالمسؤولية لدى الأفراد وروح التعاون والتنسيق لديهم، فعلى سبيل المثال تتطلب لعبة World of Warcraft العمل بشكل متعاون بين اللاعبين لإنجاز المهام وحل الألغاز، مما ينعكس بشكل إيجابي على اللاعبين وقدرتهم على التنسيق والتواصل فيما بينهم.
كما تؤثر الألعاب العنيفة على الأطفال وتجعلهم أكثر عدوانية، وتقلل من مهارات التواصل لديهم. لذلك من الضروري جداً مراقبة الألعاب التي يختارها الأطفال.
تأثير ألعاب الفيديو الإيجابي على الدماغ
تستطيع ألعاب الفيديو أن تؤثر بشكل إيجابي على الدماغ إذا ما تم التحكم بعدد ساعات اللعب وبنوع الألعاب، ونذكر من الآثار الإيجابية لألعاب الفيديو:
- يتنبه اللاعبين مع المؤثرات الخارجية بشكل أفضل من غيرهم، ويتفاعلون مع المؤثرات بشكل أفضل أيضا.
- يستطيع لاعبي ألعاب الفيديو تركيز انتباههم بشكل أفضل من الأشخاص العاديين مع المحافظة على انتباههم المشدود لفترة زمنية أطول.
- زيادة مساحة الباحات السمعية والبصرية في الدماغ.
- زيادة حجم الحصين مع زيادة إفراز المادة الرمادية فيه.
- يستطيع لاعبي ألعاب الفيديو اتخاذ القرارات بشكل أسرع من الأشخاص العاديين مع التحكم أكثر بالعاطفة وبردود الأفعال والكلام.
- تساهم ألعاب الفيديو في تنشيط الذاكرة لدى البالغين المصابين بدرجة بسيطة من ضعف الإدراك.
- تساعد ألعاب الفيديو في علاج بعض حالات الاكتئاب الخفيفة لدى الأشخاص، وتساعدهم في تحسين حالاتهم المزاجية.
في الواقع لقد انتشرت في العقد الماضي إشاعات عن تقوية ألعاب الفيديو للذاكرة وسرعة معالجة المعلومات لدى كبار السن، لكن الدراسات الدقيقة التي أجريت لم تستطع إثبات ذلك بشكل كامل إلا أن هذه الدراسات وجدت أن ألعاب الفيديو الاستراتيجية التي تصمم خصيصاً لكبار السن يمكن أن تزيد قوة الإدراك لديهم.
لكن ما زالت حتى الآن تجري دراسات عن تأثير ألعاب الفيديو على مرض الزهايمر والخرف، ولقد توصلت بعض هذه الدراسات إلى أن لألعاب الفيديو تأثير طفيف في تقليل احتمالية حدوث الخرف والزهايمر.
التأثير السلبي لألعاب الفيديو على الدماغ
يظهر التأثير السلبي لألعاب بشكل واضح عندما يتم الجلوس لساعات طويلة خلف الشاشات دون التحكم بعدد ساعات اللعب الأسبوعية. فقد تصل عدد ساعات اللعب إلى 16 ساعة يومياً عند بعض المراهقين والأطفال. وهذا يؤدي إلى إضعاف مداركهم العقلية، وتدهور صحتهم بشكل كبير.
لقد عنيت الأبحاث والدراسات بشكل كبير بالأثر السلبي للألعاب الإلكترونية على الدماغ. ولقد كانت الآثار السلبية حسب هذه الدراسات هي:
الإدمان والدوبامين
إن الإدمان هو الأثر السلبي الأبرز لألعاب الفيديو. حيث أن ممارسة هذه الألعاب يسبب إفراز مادة الدوبامين التي تدعى بمادة المكافأة العصبية. لكن مع فرط اللعب تزيد مستويات الدوبامين في الدماغ بشكل كبير، مما يسبب إدماناً مشابهاً لإدمان الكحول أو المخدرات.
كما أن زيادة إفراز مادة الدوبامين بسبب الإفراط باللعب، يسبب على المدى البعيد مشاكل عقلية وإدراكية ونفسية.
ضمور الحصين
إن الألعاب التي تعتمد على الاستراتيجيات غير المكانية للذاكرة -كما هو الحال في ألعاب الرماية- تقلل من إفراز المادة الرمادية للحصين، مما يسبب ضموره.
زيادة الشحنات الكهربائية في الدماغ
تزيد ساعات اللعب الطويلة من شحنات الدماغ الكهربائية بشكل كبير مما يزيد من احتمالية حدوث نوبات الصرع للمرضى.
ما هو تأثير ألعاب الفيديو على دماغ الأطفال
أظهرت الدراسات أن 90% من الأطفال تكون وسيلة التسلية لديهم هي ألعاب الفيديو. ولقد أظهرت دراسات حديثة أن هذه الألعاب تؤثر بشكل كبير وواضح على الدماغ إذا ما تم اللعب بها قبل سن الـ21.
فلقد أوجدت الدراسات أن ألعاب الفيديو العنيفة تؤثر على منطقتي اللوزة والحصين في الدماغ عند الأطفال. حيث ستؤدي هذه الألعاب مع الوقت إلى تغير في سلوك الطفل وجعله أكثر عدوانية مع تبلد مشاعره.
أما الألعاب المخلة بالآداب، فيكون لها تأثير كبير على تفاعلات الطفل مع محيطه وعلاقاته الاجتماعية وسلوكه.
في المقابل وجدت الدراسات أن اللعب بالألعاب الإلكترونية مع التحكم بالوقت والنوعية، يساهم في زيادة دقة الملاحظة عند الأطفال وتقوية ذاكرتهم. كما لاحظت الدراسات أيضا زيادة في مساحة الباحة البصرية والسمعية عند الأطفال. مما يجعلهم يتفاعلون مع محيطهم بشكل أفضل، ويزيد من الإدراك الحسي لديهم.
ولكي يستفيد الطفل من ألعاب الفيديو حدد الباحثون مدة اللعب الأفضل، والتي تتراوح ما بين ثلاث حتى خمس ساعات أسبوعياً، مع ضرورة متابعة الأهل لنوعية الألعاب وأهدافها وتصميمها.
في نهاية المطاف نقول من الضروري أن يتم التحكم بعدد ساعات اللعب ونوعية الألعاب للأطفال والبالغين. وذلك حتى تصبح ألعاب الفيديو وسيلة تسلية ومتعة ولكي لا تتحول إلى سبب ضرر للدماغ أو الصحة.
إلى هنا نكون قد وصلنا لنهاية مقالتنا تأثير ألعاب الفيديو على الدماغ والتي عرضنا فيها العوامل التي تحدد مدى تأثير هذه الألعاب، وعرضنا الآثار السلبية والإيجابية لألعاب الفيديو على الدماغ.
دمتم بخير، نتمنى دعمكم ومشاركة المقال، وشكراً لمتابعتكم موقعنا.
المصادر
- https://www.dana.org/article/video-games-affect-the-brain-for-better-and-worse/
- https://www.scientificamerican.com/arabic/articles/news/video-games-can-increase-brain-efficiency/
- https://www.medicalnewstoday.com/articles/318345
- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC6829166/
- https://www.brainandlife.org/articles/how-do-video-games-affect-the-developing-brains-of-children
- https://www.wired.com/story/what-gaming-does-to-your-brain-how-you-might-benefit/
- https://www.sciencedaily.com/releases/2017/06/170622103824.htm
مواضيع قد تهمك أيضاً:
- إدمان ألعاب الفيديو: أعراضه، أسبابه وتأثيراته
- أفضل ألعاب الطاولة لتنمية الذكاء الإستراتيجي لطفلك
- أهم المتاجر العالمية لشراء ألعاب الفيديو
- دراسة عن إدمان ألعاب الفيديو
- الألعاب التعليمية للأطفال 4 سنوات