يسرنا كثيرا أن نقدم لكم اليوم موضوع في غاية الأهمية والخطورة، ويتعلق الأمر بظاهرة جديدة نواجهها -شئنا أم أبينا- كل يوم، في ظل طفرة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي المتقدم، والموضوع ببساطة هو الألعاب الإلكترونية المحرمة: تأثير سياسات الشركات الكبرى على القيم والسلوك في المجتمع، ذلك لأن هناك إحصائيات موثقة رهيبة تفيد أن عدد اللاعبين حول العالم 3 مليار لاعب في عام 2023,
وهذا يعكس قوة هذا القطاع العملاق، وتأثيره المتزايد الكبير على المجتمعات، وخصوصاً على السلوك والقيم التي يتم تمريرها لأطفالنا على شكل ألعاب مسلية وممتعة.
لكن، قبل الحديث عن الألعاب الإلكترونية المحرمة ومدى تأثير سياسات الشركات الكبرى على القيم والسلوك في المجتمع التي تتعلق بصناعة الألعاب وإنتاجها على أوسع نطاق لابد أن نعرف الألعاب قبل تناول هذه الظاهرة بالبحث والدراسة والنقد.
الألعاب الإلكترونية المحرمة: تأثير سياسات الشركات الكبرى على القيم والسلوك في المجتمع
لا شك أن الألعاب الإلكترونية تعد جزءًا لا يتجزأ من حياة الأطفال والمراهقين في العصر الرقمي، حيث تقدم لهم تجارب تفاعلية وترفيهية. ومع زيادة شهرة هذه الألعاب، تزايدت المخاوف بشأن تأثيراتها السلبية على السلوكيات والمواقف.
وهذا ليس تخمينا أو تخيلاً أو وهماً، بل هناك أبحاث مفصلة ودقيقة أجريت على الموضوع وأفرزت أن بعض الألعاب تحتوي على محتويات غير مناسبة قد تؤدي إلى تشكيل سلوكيات عنيفة، أو إجرامية، أو حتى توجهات إرهابية حتى لو لم تظهر لأول وهلة.
وما يهمنا في هذا المقال بالذات، استعراض عشرة ألعاب شهيرة ينبغي على الآباء تجنب شرائها لأبنائهم تحت أي ظرف، مع تقديم الأدلة والإحصائيات التي تدعم هذا التحذير.
ويطرأ هنا سؤال ملح، ما هو الأثر النفسي والاجتماعي للألعاب العنيفة على الأطفال الذي ينطلق في صورة عادية من العدوانية إلى تعزيز التطرف أو الإجرام؟
التأثيرات النفسية للألعاب العنيفة على الأطفال
تشير الدراسات إلى أن الألعاب التي تحتوي على مشاهد عنيفة يمكن أن تؤدي إلى تغييرات في سلوك الأطفال. وفقًا لدراسة أعدها معهد كينزي، فإن 75% من الأطفال الذين يلعبون ألعابًا تتضمن العنف يظهرون زيادة في السلوك العدواني. كما أظهرت دراسة أخرى نشرت في مجلة Psychology of Popular Media أن الأطفال الذين يمضون أكثر من ثلاث ساعات يوميًا في لعب الألعاب العنيفة يكونون أكثر عرضة للإصابة باضطرابات سلوكية ونفسية، مثل القلق والاكتئاب.
الألعاب التي تروج للإرهاب والأفكار المتطرفة
تتضمن بعض الألعاب الإلكترونية عناصر تروّج لأفكار عنف وإرهاب. دراسة صادرة عن مركز الدراسات الدولية والأمنية في الولايات المتحدة أكدت أن حوالي 20% من الألعاب التي تحتوي على مشاهد عنف تتضمن أيضًا رسائل سياسية متطرفة. فمثلًا، ألعاب مثل Call of Duty وCounter-Strike قد تُظهر سيناريوهات تركز على التمرد والقتال، مما يجعل الأطفال عرضة لتبني أفكار عنف وإرهاب.
الألعاب ذات المحتوى الإباحي والتوجهات الجنسية غير المناسبة
تعتبر الألعاب التي تتضمن محتوى إباحي أو تشير إلى سلوكيات جنسية غير مناسبة من بين الأخطار الأكبر على الأطفال. وفقًا لتقرير صادر عن الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين، فإن حوالي 30% من الألعاب التي تم تصنيفها للراشدين فقط تحتوي على مشاهد إباحية، مما يؤثر على فهم الأطفال للعلاقات والعواطف. يُظهر هذا النوع من المحتوى تأثيرًا سلبيًا على نفسية الأطفال ويزيد من تصوراتهم الخاطئة حول العلاقات الجنسية.
تعزيز الصور النمطية السلبية ضد المرأة
تسهم بعض الألعاب في تعزيز الصور النمطية السلبية تجاه المرأة من خلال تمثيلها بصورة تجسّد العنف أو الاستغلال. وفقًا لدراسة أجرتها American Psychological Association، فإن 65% من الألعاب التي تحتوي على شخصيات نسائية تظهر هذه الشخصيات في سياقات تتضمن العنف أو الاستغلال. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تشكيل نظرة سلبية للمرأة في أذهان الأطفال والشباب، مما ينعكس سلبًا على سلوكياتهم تجاه الفتيات والنساء في المجتمع.
قائمة الألعاب الإلكترونية المحرمة: 10 ألعاب ينبغي تجنبها
هنا قائمة بعشر ألعاب شهيرة يجب على الآباء تجنب شرائها لأبنائهم نظرًا لمحتواها المحرم:
- Grand Theft Auto V: تحتوي على مشاهد عنف مفرط وسلوكيات إجرامية تتضمن السرقة والقتل.
- Call of Duty: تروج للحروب والعنف المسلح وتعرض مشاهد دموية.
- Mortal Kombat: تتضمن معارك دموية وصور عنف شديدة جدًا.
- Hatred: تدور حول قتل الأبرياء دون أي دافع أخلاقي.
- Manhunt: تركز على القتل بطريقة وحشية وعنيفة.
- Doom: تحتوي على عناصر من الرعب والعنف.
- Dead Rising: تتضمن قتل الزومبي بطرق مروعة.
- The Last of Us: تحتوي على مشاهد عنف وحشي ضد شخصيات.
- God of War: تتضمن عنفًا شديدًا ضد الشخصيات الرئيسية.
- Postal 2: تتناول مواضيع عنف وسلوكيات غير قانونية بشكل صريح.
إحصائيات ومؤشرات مهمة تتعلق بالألعاب الإلكترونية المحرمة
تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 90% من الأطفال في الدول الغربية يلعبون الألعاب الإلكترونية، وأن أكثر من 50% منهم يتعرضون للألعاب التي تحتوي على محتوى عنيف. وفقًا لدراسة أجراها مركز البحوث الاجتماعية، فإن 15% من الأطفال الذين يلعبون ألعابًا عنيفة يظهرون سلوكيات عدوانية واضحة. كما تشير تقارير من منظمة الصحة العالمية إلى أن 10% من الشباب الذين يمارسون ألعاب العنف قد يواجهون اضطرابات نفسية نتيجة تعرضهم لمحتوى غير مناسب والرسائل التي تلقوها بشكل صادم وعنيف.
بعض النتائج الكارثية بسبب الألعاب الإلكترونية المحرمة
تظهر النتائج المترتبة على لعب هذه الألعاب بشكل واضح في المجتمعات الغربية والشرقية. فقد شهدت العديد من الحالات المرتبطة بالعنف المدرسي وجرائم الشباب زيادة ملحوظة، حيث أظهرت دراسة من الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أن 30% من حالات العنف المدرسي كانت مرتبطة بلعب الألعاب الإلكترونية العنيفة. كما ارتبطت بعض الجرائم الخطيرة بمحتوى الألعاب التي تعرض لها الشباب، مما يعكس أهمية مراقبة ما يلعبه الأطفال، بل والتتبع الدقيق لمحتوى اللعبة وتصنيفها وحواراتها لأن أحيانا يكون دور البطل هو رئيس عصابة أو مافيا منظمة أو مرتزقة أو جاسوس أو سفاح، وهذا وحده يكفي ليدمر كل المنظومة القيمية للأطفال، بل ويقلب المفاهيم الأساسية عندهم فيصير الشر مثلاً هو الخير والعكس.
توصيات ونصائح أساسية للشركات الكبرى
طبعاً، في ظل تزايد شعبية الألعاب الإلكترونية، يُظهر عدد من الشركات الكبرى في مجال تطوير الألعاب تجاهلاً واضحًا للقيم والمبادئ الأخلاقية في بعض الأحيان. تعتمد هذه الشركات على استراتيجيات تسويقية تهدف إلى تحقيق أعلى الأرباح، وغالبًا ما تكون النتائج مقلقة من حيث تأثير الألعاب على سلوكيات الأطفال والشباب.
لذا يجب على الشركات المصنعة للألعاب أن تأخذ بعين الاعتبار التأثيرات السلبية التي قد تترتب على ألعابها. ينبغي على الشركات العمل على جبهات وثغور حقيقية مثل:
1. غياب الالتزام بالقيم الأخلاقية
تسعى العديد من الشركات إلى تعزيز ألعابها من خلال تقديم محتوى يحقق أعلى نسبة من المبيعات، دون الأخذ بعين الاعتبار التأثيرات السلبية التي قد تنتج عن ذلك. إذ تُظهر الدراسات أن محتوى الألعاب العنيفة أو التي تحمل رسائل غير أخلاقية يؤثر سلبًا على سلوك الأطفال. وفقًا لدراسة أجرتها أكاديمية العلوم الأمريكية، فإن الألعاب التي تحتوي على مشاهد عنيفة تُسهم في زيادة السلوك العدواني بنسبة تصل إلى 43%.
2. استراتيجيات تسويقية ترويجية
تتبع الشركات استراتيجيات تسويقية معقدة تهدف إلى جذب اللاعبين الشباب. تُستخدم الألوان الزاهية، والشخصيات الكرتونية الجذابة، والموسيقى الجذابة لجذب انتباه الأطفال، مما يُخفف من وطأة الرسائل السلبية التي قد تحتوي عليها الألعاب. مثل هذه الأساليب تدفع الآباء إلى شراء الألعاب دون إدراك المحتوى الحقيقي الذي قد يضر بمبادئ أبنائهم الأخلاقية.
3. تحسين تصنيفات الألعاب
يجب على الشركات المصنعة للألعاب أن تعمل على تحسين تصنيفات الألعاب بطريقة تعكس محتواها بشكل دقيق. ففي الوقت الحالي، قد تكون التصنيفات غير واضحة أو غير دقيقة، مما يؤدي إلى تعرض الأطفال لمحتوى غير مناسب. يُعتبر نظام تصنيف ESRB (نظام تصنيف البرامج الترفيهية) مثالاً على ذلك، حيث ينبغي تحسين معاييره وتحديثها لتتضمن تفاصيل دقيقة عن المحتوى العنيف أو الإباحي.
4. تقديم محتوى إيجابي
من الضروري أن تسعى الشركات إلى تطوير ألعاب تعليمية وهادفة تُعزز القيم الإيجابية مثل التعاون والإبداع. هناك العديد من الأمثلة على ألعاب ناجحة تقدم محتوى يُشجع على التفكير النقدي وحل المشكلات، مثل ألعاب Minecraft وCivilization، التي تُعزز من التعلم وتنمي مهارات التفكير الاستراتيجي. من خلال التركيز على القيم الإيجابية، يمكن أن تسهم هذه الألعاب في تشكيل سلوكيات صحية لدى الأطفال.
5. توفير خيارات الرقابة الأبوية
يجب على الشركات أن تقدم أدوات تحكم دقيقة تسمح للآباء بمراقبة ما يلعبه أطفالهم. تشمل هذه الأدوات إعدادات للحد من وقت اللعب، وتصفية المحتوى، مما يُمكّن الآباء من حماية أبنائهم من الألعاب التي تحتوي على محتوى غير مناسب. يُعتبر هذا الجانب جزءًا أساسيًا من المسؤولية الاجتماعية التي ينبغي أن تتبناها الشركات.
6. التعاون مع خبراء الصحة النفسية
ينبغي على الشركات أن تتعاون مع متخصصين في الصحة النفسية لتقييم التأثيرات المحتملة لألعابهم على الصحة النفسية للأطفال. يمكن أن تشمل هذه التعاونات إجراء أبحاث لفهم كيف يمكن أن تؤثر الألعاب على التفاعلات الاجتماعية والسلوكيات، وتطوير استراتيجيات لتقليل التأثيرات السلبية. على سبيل المثال، يمكن للشركات تنظيم ورش عمل أو ندوات حول تأثيرات الألعاب في المدارس والمجتمعات المحلية.
7. تعزيز الشفافية
تُعتبر الشفافية جزءًا أساسيًا من بناء الثقة مع المستهلكين. يجب على الشركات تقديم معلومات واضحة حول محتوى ألعابها وكيفية تصنيفها، مما يتيح للآباء اتخاذ قرارات مستنيرة. يُمكن أن تتضمن هذه المعلومات فيديوهات توضيحية، أو مقالات تشرح محتوى اللعبة وما قد تحتويه من مشاهد عنيفة أو رسائل غير أخلاقية.
8. ضرورة العمل الجماعي
على الشركات أن تعمل مع منظمات المجتمع المدني والحكومات لوضع سياسات تحكم صناعة الألعاب. من خلال هذه الشراكات، يمكن وضع معايير وقوانين تحمي الأطفال من المحتوى الضار، وتعزز من تطوير ألعاب تعليمية ومفيدة.
خاتمة
في الختام، يجب على الشركات الكبرى في مجال تطوير الألعاب أن تدرك مسؤوليتها تجاه المجتمع، وخاصة تجاه الأجيال الناشئة الذين في الأصل غرضهم من اللعب التسلية والمتعة.
إن تحسين تصنيفات الألعاب، وتقديم محتوى إيجابي، وتوفير خيارات الرقابة الأبوية، والتعاون مع خبراء الصحة النفسية، وتعزيز الشفافية، كلها خطوات حيوية نحو إنشاء بيئة آمنة ومناسبة للأطفال.
إن فشل الشركات في اتخاذ هذه الخطوات لا يُهدد فقط صحة الأطفال النفسية والسلوكية، بل يساهم أيضًا في تعزيز السلوكيات السلبية والممارسات غير الأخلاقية في المجتمع.
ومن جهة أخرى، يُنصح الآباء باتخاذ الخطوات اللازمة لمنع شراء هذه الألعاب، من أجل حماية مستقبل أبنائهم وضمان نشأتهم في بيئة صحية وآمنة.
إن منع الألعاب ذات المحتوى المحرم ليس فقط واجبًا تجاه الأبناء، بل هو مسؤولية جماعية يجب أن تتبناها الشركات أولاً ثم الأسر والمجتمعات للحفاظ على القيم والأخلاق.
مواضيع قد تهمك أيضاً:
- إيقاف تطبيق Animal Crossing: Pocket Camp المجاني
- أفضل 10 ألعاب ذكاء على الكمبيوتر بين 12 إلى 15 سنة
- ما يجب أن يعرفه الآباء عن لعبة Human: Fall Flat
- ما يجب أن يعرفه الآباء عن Minecraft
- متطلبات تشغيل بيس 2017
شارك المقالة!