كم من الوقت يجب أن يخصص الأطفال للألعاب الإلكترونية؟
هذا السؤال يُعتبر من أكثر التساؤلات التي تشغل الآباء والأمهات في عصر التكنولوجيا.
فمع الانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية وتحوّلها إلى جزء من يوميات الأطفال، يصبح تحديد الوقت المناسب للعب مسألة ضرورية للحفاظ على التوازن بين المرح والنمو السليم,
ومع فوائد هذه الألعاب الترفيهية والتعليمية، تبرز الحاجة الملحّة لضبط وقت استخدامها للحفاظ على التوازن بين المرح، الصحة النفسية، والجسدية.
إذًا، كم من الوقت يجب أن يخصصه الآباء لأبنائهم للألعاب الإلكترونية؟ وكيف يمكن تحقيق هذا التوازن؟
كم من الوقت يجب أن يخصص الأطفال للألعاب الإلكترونية؟
1. أهمية التوازن في حياة الطفل
التوازن هو المفتاح في تحديد وقت الألعاب الإلكترونية. يحتاج الأطفال إلى تنوع في أنشطتهم اليومية لتنمية قدراتهم البدنية، العقلية، والاجتماعية.
إن الاعتماد المفرط على الألعاب الإلكترونية قد يؤدي إلى تقليل الوقت المخصص للدراسة، النشاط البدني، أو التفاعل الاجتماعي.
لذا، من الضروري أن يخصص وقت محدد للألعاب الإلكترونية يتناسب مع جدول الطفل واحتياجاته المنزلية الأخرى.
2. الإرشادات الزمنية من خبراء الصحة
وفقًا للعديد من الدراسات والتوصيات التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية وجمعية طب الأطفال الأمريكية، يُنصح بأن لا يتجاوز وقت اللعب الإلكتروني للأطفال ما بين ساعة إلى ساعتين في اليوم، وذلك للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 12 عامًا. أما الأطفال الأصغر سنًا (دون 6 سنوات)، فيوصى بعدم تجاوزهم نصف ساعة إلى ساعة من الألعاب الإلكترونية يوميًا.
وتشير التوصيات الحديثة إلى التالي:
- الأطفال دون 6 سنوات: بالنسبة للأطفال في هذه المرحلة العمرية، يُنصح بتحديد وقت اللعب بالألعاب الإلكترونية إلى 30 دقيقة إلى ساعة يوميًا كحد أقصى. هذه التوصية تأتي من أجل الحفاظ على صحة الطفل البدنية والنفسية، حيث تعتبر هذه المرحلة حساسة جدًا لنمو الطفل، وتحتاج إلى التركيز على الأنشطة الحركية والتفاعلات الاجتماعية التي تساهم في تطوير مهاراته الاجتماعية والعاطفية.
- الأطفال بين 6 و12 عامًا: بالنسبة للأطفال في سن المدرسة، من المستحسن أن لا تتجاوز مدة اللعب ساعة إلى ساعتين يوميًا. في هذا العمر، يبدأ الأطفال في تكوين عاداتهم اليومية، ويجب أن يكون هناك توازن واضح بين وقت اللعب الإلكتروني والأنشطة الأخرى مثل الدراسة، اللعب البدني، التفاعل الاجتماعي، والأنشطة الإبداعية. التوازن بين هذه الأنشطة يساعد على تطوير مهاراتهم العقلية والجسدية والاجتماعية بشكل شامل، كما يقلل من المخاطر المرتبطة بالإفراط في استخدام الشاشات.
- المراهقون فوق 12 عامًا: بالنسبة للمراهقين، يمكن زيادة وقت اللعب الإلكتروني بشكل معتدل، ولكن يجب أن يكون هذا مشروطًا بالتزاماتهم الأكاديمية والاجتماعية. في هذه المرحلة، يكون المراهقون قادرين على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم، لذا من الضروري أن يكون هناك توازن بين وقت اللعب والوقت المخصص للدراسة، التفاعل مع الأصدقاء والعائلة، والأنشطة الأخرى مثل الرياضة أو الهوايات. قد يختلف الوقت الذي يقضيه المراهقون في الألعاب الإلكترونية بناءً على نوع الأنشطة الأخرى التي يمارسونها، ولكن يجب أن تكون الأولوية دائمًا للأنشطة التي تعزز النمو الشخصي والتفاعل الاجتماعي.
3. تأثير الألعاب على الصحة النفسية والجسدية
قد تكون الألعاب الإلكترونية ممتعة، لكنها ليست خالية من المخاطر، ثم إن الجلوس لفترات طويلة أمام الشاشات دون حركة كافية قد يؤدي إلى:
- آلام الظهر والرقبة: بسبب الوضعية غير الصحيحة أثناء اللعب التي قد تستمر أحياناً لساعات.
- الإرهاق البصري: بسبب التحديق المستمر في الشاشة لفترات طويلة، مما قد يسبب جفاف العين أو تشوش الرؤية.
- زيادة الوزن: قلة النشاط البدني أثناء قضاء الوقت في اللعب تُعد سببًا رئيسيًا لزيادة الوزن والسمنة لدى الأطفال.
- الإدمان: الألعاب المصممة بعناية لتكون مثيرة قد تجعل الأطفال يجدون صعوبة في التوقف عن اللعب.
- ضعف التركيز: اللعب لفترات طويلة قد يؤثر سلبًا على التركيز في الأنشطة اليومية مثل الدراسة أو المهام المنزلية.
- القلق والتوتر: خاصة عند الفشل المتكرر في الألعاب أو نتيجة ضغط الأداء العالي المطلوب في بعض الألعاب.
4. دور الآباء في توجيه الأطفال
من المهم أن يلعب الآباء دورًا نشطًا في مراقبة استخدام أطفالهم للألعاب الإلكترونية:
- اختيار الألعاب المناسبة: تأكد من أن الألعاب تتناسب مع عمر الطفل وتخلو من المحتوى العنيف أو غير اللائق.
- إعداد جدول زمني: ضع خطة يومية أو أسبوعية تتضمن وقتًا مخصصًا للألعاب الإلكترونية مع تحديد وقت للأنشطة البديلة مثل القراءة، الرياضة، أو قضاء الوقت مع الأسرة.
- استخدام أدوات الرقابة الأبوية: تتيح معظم الأجهزة الحديثة خيارات للتحكم في وقت اللعب ومراقبة المحتوى.
5. الأنشطة البديلة لتعزيز النمو
لتقليل الاعتماد على الألعاب الإلكترونية، يمكن تشجيع الأطفال على:
- الرياضة والأنشطة البدنية: تشجع الأنشطة الرياضية الأطفال على استخدام طاقاتهم بشكل إيجابي، مما يعزز صحتهم الجسدية والذهنية. يمكن للآباء تشجيع أطفالهم على المشاركة في رياضات مثل السباحة، ركوب الدراجة، كرة القدم، أو كرة السلة، حيث تساعد هذه الأنشطة على تقوية العضلات وتحسين التنسيق بين الجسم والعقل. بالإضافة إلى ذلك، تشجع الرياضات على العمل الجماعي وتعلم قيم التعاون والاحترام.
- الهوايات الإبداعية: الهوايات مثل الرسم، أو البرمجة تعد وسائل رائعة لتوجيه طاقة الأطفال نحو تطوير مهاراتهم الإبداعية والعقلية. تشجع الأنشطة الفنية مثل الرسم أو صناعة الحرف اليدوية على التعبير عن الذات وتنمية خيال الطفل. أما البرمجة، فيمكن أن تكون وسيلة مثيرة لتنمية المهارات التكنولوجية، مما يساعد الطفل على استخدام التكنولوجيا بشكل إيجابي ومفيد. القراءة أيضًا تعتبر من أهم الهوايات التي تعزز من التفكير النقدي، وتفتح آفاق المعرفة لدى الطفل.
- التفاعل الاجتماعي وبناء العلاقات: يعد التفاعل مع الأصدقاء والعائلة أمرًا أساسيًا في تطوير مهارات التواصل الاجتماعي وبناء العلاقات. يمكن تشجيع الأطفال على المشاركة في أنشطة اجتماعية مثل اللعب في الحدائق العامة، المشاركة في أنشطة مدرسية أو التطوع في المجتمع. مثل هذه الأنشطة تساعد الطفل على تعلم كيفية التفاعل مع الآخرين، والاحترام المتبادل، والعمل ضمن فريق. كما أنها تعزز من قدرة الطفل على التكيف في بيئات اجتماعية مختلفة.
- الأنشطة العقلية والتحديات الفكرية: بالإضافة إلى الأنشطة الجسدية والإبداعية، يمكن تشجيع الأطفال على المشاركة في ألعاب ذهنية مثل الألغاز، الشطرنج، أو الأنشطة التي تتطلب التفكير النقدي. هذه الأنشطة تساعد في تحسين قدرة الأطفال على حل المشكلات وتطوير مهارات التفكير المنطقي.
- الأنشطة العائلية المشتركة: من المهم أن يقضي الأطفال وقتًا ممتعًا مع العائلة بعيدًا عن الشاشات. يمكن تنظيم أنشطة عائلية مثل الألعاب الجماعية، إعداد وجبات الطعام معًا، أو حتى مشاهدة فيلم عائلي. هذا النوع من الأنشطة يعزز الروابط الأسرية ويخلق لحظات ممتعة تساعد الطفل على الشعور بالانتماء والأمان.
- التعلم والتطوير الشخصي: يمكن تحفيز الأطفال على تعلم مهارات جديدة مثل الطهي، التصوير الفوتوغرافي، أو تعلم لغات جديدة. هذه الأنشطة لا تقتصر على تطوير مهارات الطفل فحسب، بل تفتح أمامه فرصًا جديدة للتعلم والنمو الشخصي.
6. القدوة الحسنة من الآباء
الأطفال يتعلمون من خلال الملاحظة والتقليد، فهم يرون في آبائهم قدوة يحتذون بها في تصرفاتهم اليومية، بما في ذلك كيفية استخدام التكنولوجيا.
إذا كان الآباء يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات، سواء في تصفح الهاتف أو مشاهدة التلفاز، فمن الطبيعي أن يعتقد الأطفال أن هذا السلوك مقبول، بل وربما ضروري.
هذا التقليد قد يؤدي إلى اعتماد الأطفال بشكل مفرط على الأجهزة الإلكترونية، مما يؤثر على توازنهم النفسي والجسدي والاجتماعي.
لتجنب ذلك، يجب أن يتحلى الآباء بالوعي بأهمية تقديم نموذج إيجابي في التعامل مع التكنولوجيا.
على سبيل المثال، يمكنهم تخصيص وقت محدد لاستخدام الأجهزة الإلكترونية أثناء اليوم، مع التأكيد على أهمية تخصيص وقت آخر للنشاطات الأسرية.
عندما يرى الأطفال أن والديهم يفضلون الأنشطة الواقعية على الأجهزة الإلكترونية، فإنهم يتشجعون على تبني نفس السلوك.
كما يمكن للآباء إشراك الأطفال في أنشطة بعيدة عن التكنولوجيا، مثل الخروج في نزهات، المشاركة في إعداد وجبة طعام، أو حتى الجلوس معًا للتحدث ومشاركة القصص.
هذه اللحظات لا تعزز فقط الروابط الأسرية، بل تخلق ذكريات جميلة تجعل الطفل يدرك أن الحياة الواقعية مليئة بالأنشطة الممتعة التي لا تحتاج إلى شاشات.
وأخيرًا، من المهم أن يكون الآباء صادقين مع أنفسهم وأطفالهم. إذا كان من الضروري استخدام التكنولوجيا لأغراض العمل أو المهام المهمة، يمكنهم توضيح ذلك للأطفال.
على سبيل المثال:
“أنا أستخدم الهاتف الآن لأن لديّ مكالمة عمل مهمة، وسأنتهي بعد 15 دقيقة.”
هذا التوضيح يساعد الطفل على فهم الفرق بين الاستخدام الضروري والاستخدام المفرط.
الآباء الذين يظهرون توازنًا في استخدام التكنولوجيا يقدمون لأطفالهم درسًا عمليًا في كيفية الاستفادة من الأجهزة الإلكترونية دون أن تتحول إلى مصدر للانشغال أو الإدمان، مما يخلق بيئة منزلية صحية ومتوازنة.
7. إشراك الأطفال في وضع القواعد
بدلًا من فرض القواعد بشكل صارم، يمكن للآباء إشراك أطفالهم في وضع القواعد الزمنية للألعاب الإلكترونية، مما يمنحهم شعورًا بالمسؤولية ويساعدهم على تعلم إدارة وقتهم بوعي.
فعندما يُتاح للطفل فرصة المشاركة في اتخاذ القرار، يصبح أكثر التزامًا واحترامًا للاتفاقيات الموضوعة، بل يحس بالمسؤولية على عاتقه ويكون ذلك أدعى للاستجابة.
على سبيل المثال، يمكن تحديد وقت معين للعب بناءً على أولويات الطفل، مع وضع حوافز للالتزام مثل إضافة وقت إضافي في عطلة نهاية الأسبوع عند الالتزام، أو تقليل الوقت في حال المخالفة.
هذا النهج يعزز الشعور بالثقة المتبادلة ويساعد الأطفال على تحقيق التوازن بين الألعاب الإلكترونية والأنشطة الأخرى.
خاتمة
الألعاب الإلكترونية ليست عدوًا، بل وسيلة ترفيهية يمكن أن تكون مفيدة إذا تم استخدامها بحكمة.
بتحديد وقت اللعب وفقًا لإرشادات الخبراء ومراعاة احتياجات الطفل الأخرى، يمكن للآباء ضمان تجربة ممتعة وآمنة لأبنائهم.
التربية الذكية تعتمد على الإرشاد والتوازن، لا على المنع المطلق، لتنشئة جيل واعٍ يُدرك أهمية الاعتدال في كل شيء.
وأنت عزيزي القارئ، أخبرنا في التعليقات عن رأيك في كم من الوقت يجب أن يخصص الأطفال للألعاب الإلكترونية، حتى يتحقق لهم اللعب والتعلم؟
مواضيع قد تهمك أيضاً:
- صفقة Black Friday 2023 المبكرة على Meta Quest 2 على Amazon
- 7 طرق لعلاج إدمان الألعاب الإلكترونية والتخلص منه تدريجيا
- Intel تستعد للكشف عن جديدها في الذكاء الاصطناعي
- أفضل ألعاب العالم المفتوح في مرحلة الوصول المبكر
- أين يمكن شراء PlayStation Portal؟
شارك المقالة!