ظهر إدمان ألعاب الفيديو بشكل واضح بعد سيطرة ألعاب الفيديو على الأجهزة المحمولة وعلى الكومبيوترات. فلم تعد هذه الألعاب حكراً على فئة عمرية معينة بل أصبحت في متناول أيدي الأطفال والمراهقين والبالغين. كما وتستمر ألعاب الفيديو بالانتشار أكثر فأكثر، فلقد أظهرت الإحصائيات أن أرباح هذه الألعاب تزداد عاماً بعد عام بنسبة تزيد عن الـ 25%. وذلك بسبب استخدام شركات الألعاب لكل الوسائل المتاحة لتجذب اللاعبين إليها.
لكن مع مرور السنوات سرعان ما تحولت ألعاب الفيديو من وسيلة تسلية إلى إدمان يجعل اللاعب عاجزاً عن ترك اللعبة والابتعاد عن شاشة جهازه. مما أثر سلباً على حياته الشخصية وواجباته وعمله. حتى وصل الأمر إلى تسجيل حالات قتل وانتحار بسبب إدمان ألعاب الفيديو. لهذا صنفت منظمة الصحة العالمية في دليلها الحادي عشر إدمان الألعاب الإلكترونية ضمن الأمراض التي يمكن تشخيصها.
وسنقوم بهذه المقالة بإجراء دراسة عن إدمان ألعاب الفيديو نتناول فيها تأثير هذه الألعاب على الدماغ وعلامات تدل على الإدمان، بالإضافة إلى طرق علاج هذا الإدمان فتابع معنا.
تأثير ألعاب الفيديو على الدماغ
اختلفت الدراسات كثيراً عن تأثير ألعاب الفيديو على الدماغ لكن تشابهت نتائج الدراسات التي أجرت رنين مغناطيسي على أدمغة اللاعبين وغير اللاعبين للمقارنة بينهما. حيث توصلت هذه الدراسات إلى أن الألعاب الإلكترونية لها تأثيران على الدماغ، أحدهما إيجابي والآخر سلبي. أما العامل الفصل بين هذين الأثرين، فهو الوقت الذي يقضيه الشخص على هذه الألعاب.
التأثير الإيجابي لألعاب الفيديو على الدماغ
تعمل ألعاب الفيديو على توسيع مساحة الباحة السمعية والبصرية في الدماغ، مما يزيد من إدراك الشخص ويحسن من تفاعله مع محيطه. كما أن اللعب يرفع من ذكاء الشخص وقدرته على معالجة المعلومات بشكل أسرع. لكن لكي تتم الاستفادة من ألعاب الفيديو يجب الالتزام بفترات محددة للعب وعدم تجاوزها.
التأثير السلبي لألعاب الفيديو على الدماغ
يعتبر الإدمان هو التأثير الأسوأ لهذه الألعاب، فعند بداية اللعب، يفرز الدماغ مادة الدوبامين التي تجعل الفرد يشعر بالسعادة والمتعة، ثم مع استمرار اللعب واستمرار إفراز هذه المادة، يجد الشخص نفسه مدمن على الألعاب الإلكترونية ولا يستطيع تركها. وذلك لأن هذه الإدمان لا يختلف عن إدمان المخدرات أو الكحول أو التدخين.
لكن تجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الإدمان يكون خطير جداً عند الأطفال. فلقد أظهرت الدراسات الحديثة أن الأشخاص الذين عانو من إدمان ألعاب الفيديو في طفولتهم لديهم استعداد للإدمان على المخدرات والكحول عندما يكبرون.
علامات إدمان ألعاب الفيديو
تظهر على مدمني ألعاب الفيديو علامات تدل على أصابتهم بالإدمان، وتختلف شدة هذه العلامات باختلاف درجة الإدمان. حيث نذكر من العلامات الدالة على الإدمان على سبيل المثال:
- زيادة العصبية مع عدم القدرة على ضبط الانفعالات.
- فقدان السيطرة على النفس وعدم القدرة على ترك اللعب.
- الشعور بالقلق الشديد والتوتر عند اللعب وازدياده عند التوقف عن اللعب.
- التفكير المستمر باللعب حتى في ساعات العمل واللقاءات الاجتماعية.
- كثيرة النسيان وإهمال الواجبات والمهام اليومية مع حدوث اضطرابات في النوم.
- العزلة والانطوائية وضعف التواصل مع الآخرين.
- تراجع في الصحة البدنية يتمثل في: آلام الرأس والصداع، مع ضعف الرؤية، بالإضافة إلى آلام في الرقبة والرسغ ومفاصل الأصابع.
أما الأطفال والمراهقين، فلقد ظهرت عليهم علامات إضافية عن العلامات السابقة، مثل: الكذب على أهليهم بمدة اللعب، وإخفاء تدهور مستواهم الدراسي.
المدة المناسبة لاستخدام ألعاب الفيديو
من المهم جداً أن يعرف الشخص الحد الفاصل بين استخدام ألعاب الفيديو كوسيلة للتسلية وبين أن تصبح هذه الألعاب مشكلة ومرض يحتاج إلى علاج. حيث وجد الباحثون أن المدة الأفضل لاستخدام ألعاب الفيديو هي:
- بالنسبة للأطفال دون سن السبع سنوات: يجب منعهم من استخدام الألعاب الإلكترونية إلا إذا كانت تعليمية مصممة خصيصاً لأعمارهم.
- أما بالنسبة للأطفال من عمر 7 سنوات حتى 12 سنة: فيسمح لهم بساعة ونصف إلى ثلاث ساعات أسبوعياً حسب العمر.
- أما المراهقون من عمر الـ 12 عاماً حتى الـ 18 عاماً: فالمدة المسموح بها تتراوح ما بين ثلاث إلى ثمان ساعات أسبوعياً.
- وفيما يتعلق بالبالغين: فالمدة الأقصى هي أحد عشر ساعة أسبوعياً، شرط ألا تؤثر على علاقاتهم الأسرية وعلى التزاماتهم وعملهم.
ما سبب إدمان ألعاب الفيديو
في الحقيقة إن معرفة سبب الإدمان على الألعاب الإلكترونية يعتبر الخطوة الأولى في طريق العلاج، وذلك لأن علاج هذا الإدمان يبدأ بحل أسباب الإدمان أولاً. ولاسيما أن إدمان ألعاب الفيديو قد يعود لمجموعة من الأسباب المتراكمة التي لم يتم حلها، حتى تفاقمت وأدت لهذا الإدمان. حيث نذكر من أهم أسباب إدمان ألعاب الفيديو ما يلي:
- الاكتئاب والذي عده الباحثون السبب الأول والرئيسي لإدمان ألعاب الفيديو.
- وجود مشاكل في تواصل الشخص البالغ مع محيطه أو في تواصل الطفل مع أبويه.
- وقت الفراغ الطويل الذي لا يتم ملئه بشيء مفيد على الصعيد الشخصي والاجتماعي.
- كثرة المشاكل والأعباء المحيطة، حيث تعتبر ألعاب الفيديو وسيلة للهروب من الواقع والمشاكل.
- حدوث فشل في العمل أو مع الأسرة أو في بعض المشاريع يجعل الشخص محبطاً وبالتالي يلجأ لألعاب الفيديو ليثبت أنه ناجح ومحترف.
ومن الجدير بالذكر هنا أن الأطفال والمراهقين الذكور لديهم استعداد أكبر للإدمان على ألعاب الفيديو من الفتيات، حيث تفرز أدمغتهم مادة الدوبامين بكميات أكبر. وذلك يعود إما لتغيراتهم الفيزيولوجية أو بسبب رفضهم طلب المساعدة والاعتراف بالضعف.
علاج إدمان ألعاب الفيديو
يعتمد علاج إدمان الفيديو بداية على علاج الأسباب التي أدت إليه جذرياً كما ذكرنا آنفاً، ثم بعد ذلك يتم وضع برنامج يحدد عدد ساعات اللعب من خلال تخفيضها تدريجياً حتى يتم الوصول لعدد ساعات مقبول للعب. كما تجدر الإشارة هنا أن بناء العادات السليمة وملئ الوقت مهمان جداً في مرحلة العلاج. ومن أهم العادات التي تساعد في العلاج نذكر:
- تخصيص وقت لممارسة الرياضة والنشاطات البدنية. لأن ذلك يعوض عن نقص إفراز هرمون الدوبامين عند تخفيض مدة اللعب.
- ملء الوقت بشكل كامل بكل ما هو مفيد، مثل: القراءة، ومرافقة الأصدقاء، والعمل التطوعي. وعدم ترك أوقات فراغ دون عمل أو دون شغل التفكير.
من الضروري جداً عند علاج الإدمان عند الأطفال والمراهقين أن يتفهم الأبوين هذا الإدمان، وألا تطبق القيود القسرية الشديدة على الأبناء المدمنين على اللعب، لأن ذلك ينعكس سلبياً على عملية العلاج.
النتائج السلبية لإدمان ألعاب الفيديو على المدى البعيد
غالباً ما ستظهر نتائج سلبية لإدمان ألعاب الفيديو على المدى البعيد وخاصة إذا لم يتم معالجته، نذكر من أبرز هذه النتائج:
- إفراز هرمون الكورتيزول بكميات كبيرة. حيث يفرز هذا الهرمون بسبب الإجهاد المستمر للجهاز العصبي، الناتج عن اللعب لساعات طويلة. أما آثار زيادة إفراز هرمون الكورتيزول فهي:
- تأخر عملية النمو واضطرابات في الجهاز الهضمي، بالإضافة إلى ضعف المناعة.
- زيادة احتمالية الإصابة بمرض فرط النشاط مع ضعف الانتباه الذي يعرف بـ” ADHD”
خلاصة
في النهاية المطاف نؤكد على ضرورة العلاج المبكر لإدمان ألعاب الفيديو فكلما كان العلاج بوقت مبكر، كانت النتائج السلبية المترتبة على إدمان ألعاب الفيديو أقل، وبالتالي أمكن إنقاذ الشخص من هذا الخطر.
إلى هنا نكون قد أنهينا مقالتنا دراسة عن إدمان ألعاب الفيديو والتي تناولنا فيها تأثير هذه الألعاب على الدماغ وأساب الإدمان وأثاره وطرق علاجه.
شكرا لك على تخصيص جزء من وقتك لقراءة المقالة كاملة، ولا تنس مشاركتها عبر أزرار المشاركة المبينة أسفله.
مصدر الصورة: https://www.tomsguide.fr
المصادر
- https://www.newportacademy.com/resources/teenage-video-game-addiction
- https://www.hopeeg.com/blog/show/electronic-games-addiction-treatment
- https://www.sciencedaily.com/releases/2020/05/200513143803.htm
- https://gamequitters.com/video-game-addiction
مواضيع قد تهمك أيضاً:
- 7 طرق لعلاج إدمان الألعاب الإلكترونية والتخلص منه تدريجيا
- إدمان ألعاب الفيديو: أعراضه، أسبابه وتأثيراته
- مخاطر ألعاب الفيديو وعلامات إدمانها
- تأثير ألعاب الفيديو على الدماغ
- مراجعة لعبة Sniper Elite 5
شارك المقالة!